تأثير المباني على انتشار الملوثات
لماذا تُنشئ المصانع مداخن من الأساس؟ الإجابة تشمل أسبابًا عديدة، ولكن من وجهة نظر بيئية، تهدف المداخن إلى نقل الملوثات الناتجة عن المصانع إلى طبقات الجو العليا، مما يسمح بانتشارها على مساحة واسعة وبالتالي تقليل تركيزها، ثم تترسب على مناطق أوسع مما يقلل من تأثيرها الضار. ولكن وجود مبانٍ مرتفعة حول المدخنة يغيّر هذه المعادلة تمامًا.
وجود المباني بجوار المدخنة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حركة الهواء وانتشار الملوثات التي تنبعث منها. هذه التأثيرات يجب أن تُؤخذ في الاعتبار عند إعداد نموذج تشتت الملوثات. لذلك، عند تصميم المدخنة، يجب تحديد ارتفاعها لضمان انتشار الملوثات بشكل فعّال. المباني المجاورة للمدخنة يمكن أن تعمل كحواجز تمنع تدفق الهواء، مما يؤدي إلى ترسب الملوثات في المناطق المحيطة بها. النتيجة تكون في تقليل كفاءة التشتت وزيادة تركيز الملوثات بالقرب من سطح الأرض. كما أن المباني العالية تُحدث دوامات هوائية حولها، مما يؤثر على تدفق الهواء ويجعل الملوثات تتجمع حول المنطقة التي تقع فيها المدخنة بدلًا من أن تتصاعد إلى الطبقات العليا في الجو.
عندما يواجه الهواء مبنى أو أي عائق، يضطر للصعود إلى الأعلى أو النزول للأسفل. وعلى الجانب الآخر من المبنى، يتفرق الهواء مكونًا منطقة ذات دوامات مغلقة تُعرف بـ(Turbulent Wake Zone)، وهذا يؤدي إلى تركيز عالٍ للملوثات حول المباني أو المدخنة بسبب زيادة معدل الترسيب واقتراب الملوثات من سطح الأرض نتيجة الاضطراب في حركة الهواء.
هناك طرق متعددة لتحديد ارتفاع المدخنة بناءً على أبعاد المباني المحيطة بها، مثل قاعدة (GEP Stack Height) التي تنص على أن يكون ارتفاع المدخنة على الأقل 2.5 ضعف ارتفاع المباني المجاورة. لكن في أغلب الأحيان، تكون المدخنة موجودة بالفعل أو تم الانتهاء من التصميم، وفي هذه الحالة نحتاج إلى أداة لتحليل تأثير المباني المحيطة على مصدر التلوث، وهنا يأتي دور المعالج الثالث وهو BPIP-PRIME.
BPIP-PRIME هو نموذج برمجي يُستخدم لتحليل تأثيرات المباني على تدفق الهواء وانتشار الملوثات، حيث يأخذ في الاعتبار الأبعاد المختلفة للمباني وتأثيراتها في اتجاهات الرياح المختلفة. يساعد البرنامج في تحديد منطقة التأثير (Area of Influence) للمبنى على المدخنة، مما يجعل محاكاة تدفق الهواء حول المباني والهياكل أكثر واقعية، ويساعد في تحسين دقة النتائج وفهم أفضل لكيفية تأثير المباني على انتشار الملوثات.