التضاريس
قبل أن أبدأ في موضوع اليوم، أود أن أوضح نقطة مهمة تتعلق بالخرائط: أعتقد أنه أصبح من الضروري أن يكون لدى المختصين والعاملين في مجال البيئة خلفية قوية عن نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، لأن الخرائط التي نعرضها في تقاريرنا إذا رآها خبراء الـGIS، سيعترضون عليها بالتأكيد. لذا، عند إضافة خريطة يجب أن تحتوي على العناصر الأساسية مثل العنوان، والمقياس، وسهم الشمال، ومفتاح الخريطة، وخطوط الطول والعرض التي تحدد موقع الخريطة. إضافة التاريخ والمصدر أيضًا يعزز من جودتها، ويُفضَّل عدم استخدام صور الشاشة من Google Earth.
أنصح كل من يعمل في مجال البيئة بأخذ دورة في أساسيات GIS، فهي ستفيد كثيرًا وتفتح آفاقًا جديدة في تحليل البيانات وعرضها.
نعود الآن إلى الموضوع الأساسي: تحدثنا في المنشور السابق عن تأثير المباني على انتشار الملوثات وارتفاع المداخن، وعن معالج الـBPIP-PRIME الذي يُستخدم لتحليل تأثيرات المباني على تدفق الهواء وانتشار الملوثات، ويأخذ في الاعتبار الأبعاد المختلفة للمباني وتأثيراتها في اتجاهات الرياح المتعددة. ولكن ماذا عن دور التضاريس؟ هنا يأتي دور معالج الـAERMAP.
الـAERMAP هو نموذج برمجي أو أداة ملحقة ومكون أساسي من مكونات نموذج الـAERMOD، ويُستخدم لتحديد تضاريس المنطقة المحيطة بالمصادر، حيث تلعب تضاريس الأرض دورًا مهمًا في كيفية تشتت الملوثات الجوية. وبالتالي، تعتمد دقة تقييم جودة الهواء بشكل كبير على دقة المعلومات التضاريسية المستخدمة.
لذلك، تم تطوير معالج التضاريس الـAERMAP لتحديد ارتفاع النقاط المختلفة في منطقة الدراسة، وهذه المعلومات ضرورية لحساب تدفقات الهواء وتوزيع الملوثات. الجميل في الأمر أن المعالج يتعامل مع بيانات التضاريس من مصادر متنوعة، أشهرها ملفات التضاريس الرقمية (DEM)، التي توفر معلومات دقيقة عن ارتفاعات الأرض وتضاريسها، وتُستخدم في تطبيقات عديدة مثل رسم الخرائط وتحليل التضاريس.
ولكن، ملفات DEM لا يمكن استخدامها مباشرة في نموذج الـAERMOD لأنها تعتبر شبكة من النقاط، وكل نقطة لها قيمة ارتفاع تمثل ارتفاع سطح الأرض عند هذه النقطة، وهو ما يُعرف في نظم المعلومات الجغرافية (GIS) باسم ملف RASTER. وبما أننا نعمل في نموذج رياضي، فإن المدخلات يجب أن تكون أرقامًا، لذلك يجب تحويل هذه الشبكة إلى صورة رقمية تُعرف بملفات VECTOR. وهنا يأتي دور الـAERMAP، حيث يحول ملفات DEM إلى خريطة كنتورية ويجعلها قابلة للاستخدام في نموذج AERMOD.
المميز أيضًا في معالج الـAERMAP هو قدرته على تحميل ملفات DEM مباشرةً ومجانًا لمنطقة الدراسة من خوادم مشاريع الاستشعار عن بعد، مثل مشروع Shuttle Radar Topography Mission (SRTM) الذي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA) بالتعاون مع الوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية المكانية (NGA) ووكالة الفضاء الألمانية (DLR). هدف المشروع كان جمع بيانات تضاريس دقيقة وشاملة لسطح الأرض باستخدام تقنية الرادار. هناك أيضًا مشروع Global 30 Arc-Second Elevation، المعروف اختصارًا بـGTOPO30، وهو مشروع أطلقته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) لتوفير نموذج ارتفاعات رقمي يغطي سطح الأرض بالكامل.
بعد جمع البيانات، يقوم الـAERMAP بمعالجتها وتحليلها لتحديد الارتفاعات الدقيقة لنقاط الشبكة التي يستخدمها النموذج، ويربط هذه البيانات بمواقع المباني والمصادر الموجودة في النموذج، ويقوم بتصحيح ارتفاعها من سطح البحر.