إحدى مهام مختص البيئة هي تقديم حلول قابلة للتطبيق لحل مشاكل التلوث. في الوقت الحالي، إيجاد حل هندسي لأي مشكلة بيئية أصبح سهلاً، لكن مدى ملاءمة هذا الحل للموقع والبيئة المحيطة يعتبر موضوعًا مختلفًا تمامًا. هنا يأتي دور برامج النمذجة التي تساعد في اختبار الحلول قبل تنفيذها لضمان اتخاذ قرار سليم ومناسب للمشروع والبيئة المحيطة.
إحدى أهم المشاكل البيئية هي الملوثات السائلة التي تُصرف على المسطحات والمجاري المائية مثل الأنهار والبحار والبحيرات. الملوثات قد تكون مواد عضوية من الصرف الصحي أو مخلفات صناعية تحتوي على كيماويات أو معادن ثقيلة من الصرف الصناعي، أو مغذيات مثل الفسفور والنيتروجين من الصرف الزراعي. وهناك أيضًا مشاكل تغير خصائص المياه نفسها مثل نسبة الملوحة في مياه صرف محطات تحلية مياه البحر، وكذلك التلوث الحراري الذي يحدث عند صرف مياه ذات درجة حرارة أعلى أو أقل من الوسط المائي الذي تُصرف فيه، والذي يُستخدم في عمليات التبريد.
لتبسيط الفكرة، تخيل مثلاً محطة كهرباء تستخدم المياه كمبادل حراري مع البخار لتكثيفه. المياه الناتجة من هذه العملية تكون ذات درجة حرارة عالية جداً، ولا يمكن صرفها مباشرة على أي مسطح مائي لأن ذلك سيؤدي إلى موت الكائنات الحية في موقع الصرف. لذا، يجب تقليل درجة الحرارة لتتناسب مع درجة حرارة الوسط المائي. وفقاً لقانون البيئة المصري، يجب أن تكون درجة حرارة المياه الخارجة من المحطة بحد أقصى 5 درجات فوق المعدل السائد، وبحد أقصى 38 درجة. وهناك قرار جديد ينص على ألا تتجاوز الفارق 3 درجات.
ماذا يحدث إذا صرفنا المياه على المسطح المائي بدرجة حرارة أعلى من الحدود القانونية؟ ستنشأ منطقة تُسمى منطقة الخلط، حيث يتم فيها خلط مياه الصرف مع مياه الوسط المائي. قد تكون منطقة الخلط هذه كبيرة المساحة. لحل هذه المشكلة، يمكن توزيع مياه الصرف على عدة مخارج بدلاً من مخرج واحد، مما يقلل من مساحة منطقة الخلط ويخفف من التأثير البيئي.
لتطبيق هذا الحل، أمامنا طريقتان:
- تنفيذ الحل على أرض الواقع ثم مراقبة النتائج والتعديل حتى الوصول إلى أفضل نتيجة.
- استخدام برامج النمذجة لمراقبة النتائج وتعديلها حتى الوصول إلى أفضل نتيجة، ثم تنفيذها على أرض الواقع.
نمذجة ومحاكاة عمليات الانتشار والخلط للملوثات توفر وقتاً وموارد كبيرة جداً، وتسمح بتخطيط بيئي دقيق في تقدير المناطق المختلطة والتأثيرات البيئية المحتملة.
Leave A Comment